إن تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الآونة الأخيرة قد فرض علينا التوسع في الاحتياجات اليومية الضرورية، وما كان بالأمس يعتبر من الكماليات أصبح اليوم من الضروريات، كما أن انتشار مظاهر العولمة قد غيرت كثيرا من السلوكيات البشرية والتطلعات الاستهلاكية لصالح المحاكاة وزيادة الطلب على السلع والخدمات بصورة عامة. ورغم حرص السلطة الوطنية الفلسطينية على إنشاء وزارة للتخطيط تحت مسمى التخطيط والتعاون الدولي، ثم التخطيط في فترة لاحقة؛ فإن العنصر البشري لم ينل القسط الكافي من الاهتمام من حيث التخطيط لاحتياجاته عبر الزمن ، بحيث يمكن الوفاء بهذه الاحتياجات المختلفة والمتنوعة سواء أكانت سلعية أم خدمية آخذين في الحسبان أن احتياجات السكان تتفاوت فيما بين الذكور والإناث.
كما تتفاوت هذه الاحتياجات حسب الأعمار المختلفة، إذ إن احتياجات صغار السن تختلف عن احتياجات الشباب، والشيء نفسه ينطبق على الكهول والشيوخ، كما أن احتياجات السكان تتفاوت نسبيا من منطقة لأخرى، فاحتياجات سكان المدن تتباين مقارنة باحتياجات أهل الريف أو أهل المخيمات، إضافة إلى أن احتياجات الأصحاء تختلف عن احتياجات المرضى، وعلى ضوء المعطيات السكانية القائمة وعلى أساس معدل النمو السكاني السنوي في حده الأدنى للسنوات القادمة وهو 3%، وذلك في ظل مساحة ثابتة واحتياجات متزايدة من البنية التحتية والمرافق العامة مما ينبئ بحدوث انفجار سكاني، وأن هذا الانفجار سيكون أكثر حدة في البلدات الفلسطينية المكتظة والمزدحمة التي لا تقوى على التمدد أو التوسع.
ومما تقدم يتضح أن الوفاء باحتياجات السكان السلعية والخدمية الحاضرة والمستقبلية يقتضي الإعداد والتحضير لها بشكل متكامل من كل الوزارات، فهناك الاحتياجات الإسكانية والتعليمية والصحية والاجتماعية والقضائية والأمنية وذلك بخلاف الاحتياجات من السلع اليومية من غذاء وماء ودواء وكساء وغاز وكهرباء، ويراعى أن توفير هذه الاحتياجات يجب أن يكون مقرونا بالجودة العالية والأسعار المناسبة في التوقيت الذي تستدعيه الحاجة يوما بعد يوم.
تحت رعاية وإشراف وزارة الحكم المحلي وصندوق تطوير وإقراض البلديات، وضمن إطار مشروع الصندوق "تطوير البلديات"، بدعم إعداد خطة تنموية إستراتيجية لـ 41 بلدية في المحافظات الشمالية والجنوبية (الضفة وغزة)، عقدت بلدية تفوح ورشات عمل حول التخطيط الإستراتيجي وتعزيز القدرات خلال الفترة الواقعة بين شهر نيسان، إلى شهر أيلول للعام 2011، حيث شارك فيها رئيس البلدية وأعضاء من المجلس البلدي وعدد من الموظفين في البلدية، بالإضافة إلى لجنة التخطيط الاستراتيجي وممثلي لجان أصحاب العلاقة والأولويات ومنسقي اللجان التخصصية، بدعم من فريق مستشاري جامعة بيرزيت (مركز التعليم المستمر). وقد نتج عن هذه العملية إعداد لهذه الخطة التنموية الإستراتيجية الهادفة إلى تطوير بلدة تفوح، بالإضافة إلى الإستراتيجيات التي تم تبنيها لتنفيذ مجموعة من المشاريع وذلك حسب أولويتها من منظور المجتمع المحلي المشارك خلال هذه العملية.
واعتمدت عملية إعداد الخطة التنموية الإستراتيجية للبلدة أسلوب المشاركة الفاعلة من خلال تشكيل مجموعات عمل تفكر معاً وتضع نتائجها فيما يتعلق بموضوعات النقاش، ومن خلال عمل المشاركين جميعاً في مجموعة واحدة لمناقشة ما خرجت به مجموعات النقاش والتوسع في النقاشات للوصول إلى نتائج نهائية تمثل جميع المشاركين، وتم تشخيص وتحليل واقع المجالات التنموية المختلفة في البلدة، وتحديد أهم القضايا التنموية والأهداف الإستراتيجية ووضع مؤشرات الأداء عند تنفيذها، لقياس مدى تحقق تلك الأهداف، من خلال اقتراح مجموعة من البرامج والمشاريع التنموية التي تنسجم مع رؤية بلدة تفوح " نحو تفوح بلدة متقدمة علمياً، وصناعياً، وصحياً، وبيئياً، وزراعياً محافظةً على أصالتها، يملؤها الحب والأمان، مثال للمشاركة المجتمعية والانتماء والعطاء" ,فقد تم تحديد 15 هدفاً تنموياً ومجموعة من المشاريع الرئيسة بقيمة (16.579.000دولار ) لتحقيق هذه الأهداف التنموية التالية :